كلمة معالي الشيخ
صالح بن عبد الله بن حميد
نائب رئيس المجلس الأعلى لدار الحديث الخيرية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فإن أولى ما صرفت فيه نفائس الأيام، وأعلى ما خُصّ بمزيد الاهتمامات، الاشتغال بالعلوم الشرعية المتلقاة من خير البرية، ولا يرتاب ناظر في أنّ مدارها على كتاب الله المقتفى، وسُنَّة نبيه المصطفى، وأن سائر العلوم راجعة إليها وعون على فهمها، وبيان لمرادها وإيضاح لمضامينها.
وإن شرف العلم بشرف المعلوم، و علم الحديث علم يُعرف به أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحواله وذاته الشريفة عليه الصلاة والسلام، ولما كان ذلك كذلك كانت معرفته من أشرف المعارف، وكان هذا العلم من أشرف العلوم ورجاله هم المعوّل عليهم في تبيان ذلك ونشره بين الناس، وقد بذلوا وسعهم في الذبِّ عن السُنَّة النبوية الشريفة، وتوضيح مشكلها وبيان صحيحها من سقيمها، وحفاظاً عليها اجتهد العلماء والباحثون في بيانها، وإيضاح وجوهها واستخراج أحكامها.
والفقه في الدين نعمة من الله تبارك وتعالى يمتن بها على من يشاء من عباده، فيه الخير والفلاح، والهداية والصلاح، وبه تتحقق الاستقامة على النهج القويم والصراط المستقيم، وفي الحديث المتفق عليه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( من يُرد الله به خيراً يُفقّه في الدين )).
إن الفقه الصحيح، به يُعرف الله ويُعبد، ويُذكر ويُوحد، وبه تُعرف الأحكام وكل ما يتعلق بصلة العبد بربه، وما ينظم علاقته بالآخرين، وبالفقه تُحفظ الحقوق، وتؤدى الواجبات، وتُرعى المسؤليات حق رعايتها.
وإن دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة دار علم وبيت حكمة وصرحٌ علميٌ كبير، تتميز بمناهج علمية قوية، تُخرِّج طلبة مؤهلين علمياً وتربوياً، وهي تُعنى بدراسة علوم الكتاب والسُنَّة، ودراسة سائر العلوم الشرعية والعربية، ولها عناية خاصة بدراسة الحديث النبوي الشريف وأمهات الكتب الحديثية، وتهدف إلى تربية طلاب العلم تربية إسلامية صحيحة مبنية على العقيدة السليمة والعبادة المستقيمة، فهي تجمع الرواية والدراية والأصالة والمعاصرة.
وقد نفع الله بها وبطلابها في شتى أصقاع الأرض، فكم خرَّجَتْ من الدعاة والفقهاء وطلاب العلم النبهاء يدعون إلى الله على بصيرة، شعارهم ودثارهم الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وتعليم الناس العلم الشرعي والجلوس للراغبين في تحصيله، فرحم الله من تقدم من العلماء العاملين ممن أسهم في تأسيس وبناء هذا الصرح العلمي المبارك ( دار الحديث الخيرية ) فلقد كان لهم القدح المُعَلَّى والسهم الراجح في هذا الميدان، وأحسن الله مثوبتهم، وسدد خطى القائمين على هذا الصرح المبارك وبارك في علومهم وأعمالهم.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
صالح بن عبد الله بن حميد