( أ ) فكرة إنشائها:
لما كانت السُّنَّة هي المصدر الثاني للشريعة الإسلامية، والمفسرة لكتاب الله تعالى، ولِما لدراسة الحديث الشريف من المكانة السامية في التشريع الإسلامي، بحيث لا يسع طالب علم أن يجهله أو يهمله في دراسته، بل يجب عليه الاهتمام بدراسته والعناية بطلبه والتفقه فيه.
ولعظم هذه الأمانة؛ أمانة نقل الحديث النبوي وتحمله وأدائه، والتي استشعرها سلفنا الصالح - رضي الله عنهم ورحمهم- فقاموا بأدائها خير قيام، وخلَّفوا لنا تراثاً حديثياً يُعدُّ بحق مفخرة من مفاخر علماء الإسلام.
ونظراً لضعف دراسة الحديث النبوي الشريف في الأزمان المتأخرة، واندراس الكثير من معالم السنن، وفتور الهمم في طلب علم الحديث وضعف الاهتمام بالتخصص فيه رواية ودراية.
لهذه الأسباب وغيرها فقد سعت جماعة من علماء الحديث برئاسة فضيلة الشيخ عبد الظاهر أبو السمح إمام وخطيب المسجد الحرام آنذاك - رحمه الله -، في إنشاء دار للحديث الشريف وعلومه على أن يكون مقرها في مكة المكرمة، وقد فوَّض أصحاب الفضيلة العلماء، فضيلة الشيخ عبد الظاهر أبو السمح بتوضيح هذه الفكرة وعرضها
على أنظار الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله تعالى -.
وقد أجاب به الملك عبد العزيز - تغمده الله بواسع رحمته - بالموافقة على فكرة إنشاء الدار وذلك بالخطاب رقم ( 62 ) وتاريخ 1 صفر عام 1352هـ.
وقد رحب فيها الملك وأمر بفتح المدرسة وقال في خطابه الذي أوضح فيه سياسة الدار:
( ومن قِبلِ فتح المدرسة فهذا أبرك ما يصير ).
ثم وضع الخطوط العريضة لمنهج الدار فقال:
( فإذا كانت المدرسة التي تريدون فتحها أنه يُعلَّم فيها الحديث والفقه وبالأخص فقه الإمام أحمد وعدم الإعابة على أحد من الأئمة فهذا نحن ممنونين به ونوافق عليه، تعرفون أئمة الإسلام أنهم الأئمة الأربعة وأن لهم مما بينوه من الأمور الفقهية التي من الكتاب والسُنَّة ومذهب السلف الصالح اليد الطولى بذلك ولا يعترض عليهم إلاّ كل إنسان ماله معرفة بالدين الحقيقي ولا شك أن المرجع كتاب الله وسُنَّة رسوله > وكل أمر يخرج عنهما باطل، فإذا وجد الدليل من كتاب الله وسُنَّة رسوله وما عليه السلف الصالح فهو البرهان والدليل ).
ثم طلب الملك - رحمه الله - من الشيخ عبد الظاهر أبي السمح أن يتدارس أمر المدرسة مع سماحة الشيخ/ عبد الله بن حســن آل الشــيخ - رئيس القضاة آنذاك - رحمه الله.
وبعد إطلاع الملك عبد العزيز - رحمه الله - على نظام المدرسة صدرت الموافقة السامية بالخطاب رقم ( 65 ) في 3 صفر 1352هـ.
( ب ) افتتاح المدرسة:
وقد فتحت المدرسة أبوابها للدراسة ابتداءً من يوم الاثنين الموافق 12 ربيع الأول عام 1352هـ، وقد نصت اللائحة النظامية لهذه الدار على أن يكون اسمها ( دار الحديث ) ومقرها مكة المكرمة، وممن شارك في تأسيس هذه الدار من العلماء مع فضيلة الشيخ/عبد الظاهر أبي السمح - رحمهم الله جميعاً -.
1- فضيلة الشيخ/ عبد الله الدهلوي - من أعيان مكة المكرمة - رحمه الله.
2- فضيلة الشيخ/ عبد الوهاب عبد الجبار الدهلوي - من أعيان مكة المكرمة - رحمه الله.
3- فضيلة الشيخ/ محمد بن سياد - رئيس مطوفي جاوه - رحمه الله.
4- فضيلة الشيخ/ محمد بن حسين نصيف - من أعيان الحجاز وعلمائه - رحمه الله.
5- فضيلة الشيخ/ سليمان بن عبد الرحمن الصنيع - عضو هيئة الأمر بالمعــروف وأمين مكتبة الحرم المكي - رحمه الله.
6- فضيلة الشيخ/ محمد راضي - من علماء مكة وأحد كبار المطوفين بها - رحمه الله.
7- فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن مظهر - رئيس مطوفي الهند وباكستان -رحمه الله.
( ج ) أهداف الدار:
1- إحياء السُّنَّة النبوية والدعوة إلى الاعتصام بها.
2- إعداد وتهيئة الطلاب المتخرجين من هذه الدار للدعوة إلى الله في بلادهم ومساعدتهم بما يعينهم على أداء هذه الرسالة المباركة.
3- تخريج دعاة علماء بالكتاب والسُّنَّة وعقيدة سلف الأمة.
4- العناية بالكتاب والسُّنَّة ودراسة سائر العلوم الشرعية والعربية.
5- تربية طلاب العلم بالدار تربية إسلامية صحيحة مبنية على العقيدة السليمة والعبادة الصحيحة.
6- التخلق بأخلاق أهل العلم والحرص على مجالستهم والتأسي بأخلاقهم الحسنة.
7- الاهتمام بنشر كتب العقيدة وعلوم الكتاب والسُّنَّة وإعداد الأبحاث الهادفة في هذا المجال.
8- وُضعت للدار لائحة تنفيذية اشتملت بنودها على توضيح الأسس والأهداف التي من أجلها أُسست هذه الدار إضافة إلى الأنظمة واللوائح التي تنظم سير الدراسة للدار وشروط القبول بها وغير ذلك.
ومما جاء موضحاً في هذه اللائحة والتي وضعت بعناية من قبل أصحاب الفضيلة العلماء وأعضاء المجلس الأعلى للدار وذلك بعد الإطلاع على اللوائح والنظم المعمول بها في المؤسسات التعليمية بالمملكة وعلى النظام الأساسي للدار الذي وافق عليه جلالة الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- في خطابه رقم ( 65 ) وتاريخ: 3 صفر 1352هـ.